تمثل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة لأول مرة منذ 58 عاما في اجتماعات الأمم المتحدة إنهاء لستة عقود من العزلة الدولية عاشتها دمشق خصوصا في ظل عهدي الأسد الأب والابن.
كما تحمل في طياتها مجموعة من الرسائل الهامة السياسية والاقتصادية سواء للداخل والخارج، فعلى الصعيد الخارجي تمثل الزيارة ومن الأروقة الأممية تفنيدا للخطاب الذي يروج لتراجع شعبية الدولة السورية ، وأن الشعب السوري متمسك بقيادته وهو طوع بنانها ورهن أشارتها في عملية التحول السياسي الذي تشهده سوريا بعد سقوط النظام البائد، حيث قامت السلطات الجديدة باتخاذ جملة من الإجراءات الدخلية السريعة لاقت استحسانا وقبولا دوليا، ما دفع للاعتراف بها كحكومة شريعة ووحيدة، وتمثلت في الإعلان الدستوري ومؤتمر الحوار الوطني وتشكيل حكومة وطنية تمثل كل أطياف ومكونات الشعب السوري وتوقيع اتفاق ١٠ مارس مع قسد واعلان عن هيئة عدالة انتقالية ولجنة للسلم الأهلي ولجان تحقيق مستقلة في أحداث الساحل والسويداء.
كما تعطي الزيارة إشارات إلى القوى الانفصالية داخل سوريا بأن الدولة اليوم حاضرة بقوة في أهم المحافل الدولية وأن جميع الطرق لابد أن تمر من دمشق لإيجاد صيغ توافقية وتفاهمية مع السلطة المركزية تحت هوية وطنية سورية موحدة، وأنه لامكان للكيانات الموازية في المشهد السياسي الجديد الذي يرسم في سوريا خاصة والمنطقة عامة، وكل ذلك بمباركة دولية وعربية واقليمية.
وفي ذات الاتجاه، تؤكد لمؤيديها وهم أغلبية الشعب أن دولتكم اليوم نجحت في سياستها الخارجية خاصة في ظل الدعم اللامحدود من الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والدول الإقليمية وأهمها تركيا إضافة إلى المباركة الغربية والأمريكية.
أما على الصعيد الاقتصادي فهو إيذان لجميع رؤوس الأموال في العالم بإمكانية الاستثمار في الأراضي السورية بعد رفع العقوبات الأمريكية والغربية وحضور رأس الهرم السياسي الرئيس أحمد الشرع والقاءه كلمة داخل أهم منظمة عالمية شاملة وهي الأمم المتحدة، مايعني أن الغطاء الدولي ممنوح لأي استثمار في سوريا، خاصة بأن موقعها الجيوسياسي والظروف التي عانت منها من حرب ودمار تجعلها بيئة ملائمة وخصبة لرجال الأعمال حول العالم للاستفادة من عملية إعادة الأعمار وبناء قوة اقتصادية جديدة في المنطقة.
وتعتبر هذه الخطوة الدبلوماسية إحدى أبرز ثمار التغيير السياسي الذي شهدته سوريا في 8 ديسمبر 2024، والذي أنهى 61 عاما من حكم حزب البعث البائد.