يزور الرئيس السوري أحمد الشرع الرياض لحضور مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض، ومن المنتظر أن يلقي خطاباً هاماً خلاله يعكس تطلعات القيادة السورية الجديدة في مجال الاقتصاد والاستثمار والتنمية.
وتمثل هذه الزيارة فرصة استراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين سوريا والسعودية، حيث تشير الدعوة الموجهة للرئيس الشرع للتحدث أمام مؤتمر الاستثمار إلى رغبة الرياض في الحفاظ على نفوذها في دمشق من بوابة تعزيز مكانة الحكومة السورية الحالية، كما تعد إشارة بأن المملكة ترى في الشرع مرشحا سياسيا مقبولا داخلياً وإقليمياً.
وبالطبع فإن اللقاء المرتقب بين الرئيس الشرع وولي العهد محمد بن سلمان يجري على خلفية لقاءات سابقة مع أطراف دولية، ما يعكس رغبة متبادلة في إظهار توازن سياسي ودعم إقليمي ودولي للقيادة السورية الجديدة.
تمهيد اقتصادي وتجاري سابق
أشارت زيارة وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إلى دمشق مع أكثر من 150 مستثمراً سعودياً في شهر تموز الماضي إلى أن المملكة تسعى لتعميق التعاون الاقتصادي الاستراتيجي، وليس مجرد علاقات تجارية هامشية.
كما عكست دعوة رجال الأعمال السوريين المتواجدين في السعودية لفتح فروع لشركاتهم في دمشق منذ قرابة شهرين رغبة في تفعيل الاستثمار الثنائي بشكل مستدام وعلى مستوى أعلى من التعاون التجاري المعتاد.
كما وصل إلى سوريا في نهاية شهر آب الماضي وفد سعودي يضم رجال أعمال ومستثمرين برئاسة عبد الله الدبيخي مساعد وزير الاستثمار السعودي، ورئيس مجلس الأعمال السوري السعودي محمد أبو نيان، لبحث فرص تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وفق ما أعلنته وكالة الأنباء العربية السورية (سانا)، حيث كانت هذه الزيارة استكمالا لمخرجات المنتدى الاستثماري السعودي السوري، الذي برعاية الرئيس السوري أحمد الشرع، ومشاركة أكثر من 100 شركة سعودية و20 جهة حكومية.
مؤشرات سورية – سعودية استراتيجية
على المستوى الاقتصادي ستدفع الزيارة لزيادة المشاريع الاستثمارية الكبرى، وتوسيع نطاق التعاون الصناعي والتجاري، وربط الاستقرار السياسي بالفرص الاقتصادية.
فيما تشير سياسياً إلى دعم الحضور السوري في المحافل الإقليمية والدولية، وربما تسهيل دور دمشق في الجامعة العربية والمنظمات الإقليمية.
أما إقليمياً فإن الدعوة تؤكد تعزيز الحضور السعودي في الملف السوري ومحاولة تحقيق توازن نفوذ بين تركيا والدول الغربية.
ومن المرتقب أن يمثل حضور الرئيس الشرع في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار تحولاً بمقاربة السعودية للملف السوري من الرؤية الأمنية إلى الرؤية التنموية، حيث تعبر الزيارة عن إدراك متبادل بأن الاستثمار هو أداة نفوذ واستقرار سياسي في آنٍ واحد.
كما تسعى الرياض من خلالها إلى خلق بديل اقتصادي لنفوذ إيران في سوريا، فيما ترى دمشق في هذا الانفتاح بوابة للخروج من العزلة وإعادة الاندماج العربي.
وسيكون نجاح الاستثمار السعودي معتمدا إلى حد كبير على مدى قدرة الحكومة السورية على إعادة هيكلة الإدارة الاقتصادية وفصلها عن البنية الأمنية، وفتح المجال أمام القطاع الخاص المحلي كشريك لا كخصم.
ومن المتوقع أن تنشأ نخب اقتصادية سورية جديدة مرتبطة بالسوق الخليجية، قد تؤثر في توازنات القوى داخل الجمهورية الجديدة.


